وفي عام 1913 .. تأسس أول فريق كروي بنادي المختلط .. أو نادي الزمالك
وبدأ هذا الفريق الجديد يشارك في المسابقات التي كانت تقام في ذلك الوقت .. بدأ أيضا يدخل حلبة المنافسة والسباق مع الأندية الأخري .. الأهلي والسكة الحديد والفرق الإنجليزية وفرق المدارس - أي الكليات الجامعية - والمعاهد العليا ..
لكن .. كان فريق المختلط متواضع المستوي .. وكان مقدرا له أن يبقي طويلا من فرق الدرجة الثانية أو الثالثة .. لولا قرار مرزباخ رئيس النادي بفتح الباب أمام المواهب الكروية المصرية لتنضم لفريق الكرة بشرط ألا يكون للمصريين الحق في الحصول علي عضوية النادي العاملة التي كانت لا تزال حتي ذلك الوقت مقصورة علي الأجانب ..
واحد من أصحاب تلك المواهب كان اسمه حسين حجازي .. سيصبح فيما بعد أول أستاذ في مدرسة الزمالك الكروية وواحدا من أعظم لاعبي مصر في كل العصور .. وقد لا يعلم الكثيرون .. أن قرار مرزباخ بفتح باب النادي أمام حسين حجازي والآخرين من أصحاب المواهب الكروية .. كان أول فتيل يتم اشعاله في القنبلة الرياضية المصرية .. أو الصراع الساخن العنيف المثير الدائم بين الأهلي والزمالك !
ونحن اليوم .. للأسف .. نتعامل مع قضية صراع الأهلي والزمالك .. وعلي أنها من مسلمات حياتنا الكروية والرياضية .. لم نحاول يوما ادراك أو فهم مبررات ودوافع مثل هذا الصراع .. رغم أنه ليس من الصعب .. أو من المستحيل .. أن نعرف حكاية هذا الصراع قديمة جدا .. بدأت منذ تسعة وثمانين عاما .. بالتحديد في عام 1914 أي بعد عام واحد من تأسيس فريق الكرة في نادي المختلط .. أو نادي الزمالك .. ففي عام 1914 .. عاد حسين حجازي إلي مصر .. وكان قد سافر إلي إنجلترا لاكمال دراسته في جامعة كامبريدج بإنجلترا .. لكنه قبل أن يسافر .. كان قد تعلم كيف يحب الكرة وكيف يلعبها وكيف يتألق معها ولها ليصبح أعظم لاعبي مدرسة السعيدية الثانوية وكل مدارس مصر...
عاد حسين حجازي إلي مصر ولم يقبل الإنضمام ـ كلاعب كرة ـ إلي أي ناد في مصر .. وإنما أسس فريقا كرويا خاصا به .. وأطلق عليه فريق حجازي إليفين .. أي حجازي 11 .. إشارة إلي أنه الفريق الكروي الذي يتكون من أحد عشر لاعبا يقودهم اللاعب الموهوب حسين حجازي
في المقابل .. كان هناك رجل إنجليزي يعيش في مصر مهووسا ومفتونا ومشغولا طول الوقت بكرة القدم .. الرجل اسمه ستانلي .. ونجح ستانلي في أن يجمع كل لاعبي الأندية الإنجليزية الذين يقضون فترة تجنيدهم في صفوف الجيش الإنجليزي في مصر .. وأسس بهم فريقا كرويا أطلق عليه اسم .. ستانلي تيم .. أو فريق ستانلي .. .. وكان لابد أن يلتقي الفريقان يوما ما .. والتقي الفريقان بالفعل .. فريق حجازي إليفين .. وفريق ستانلي تيم .. وكان اللقاء عبارة عن مباراة ساخنة لكرة القدم سينال الفريق الذي سيفوز بها عشرة جنيهات كاملة ..
فاز فريق حجازي إليفين بالمباراة .. وبالجنيهات العشرة .. ولكن الكبرياء والصلف الإنجليزي لم يقبلا تلك الهزيمة الموجعة .. فعرض ستانلي علي حجازي أن يلتقي الفريقان في مباراة أخري .. فرفض حجازي وبقي ستانلي يغري حجازي بزيادة قيمة الرهان حتي بلغت مائة وثمانين جنيها .. حينئذ .. لم يعد بوسع حجازي أن يرفض .. .. ولم يكن بوسعه أيضا أن يخسر ليفوز الإنجليز .. ومرة أخري .. يفوز حجازي إليفين علي ستانلي تيم..
ولم تكن قيمة الرهان وحدها هي الفارق الوحيد بين مباراة الفريقين الأولي .. ومباراتهما الثانية .. وإنما جرت المباراة الأولي في هدوء .. بينما كانت المباراة الثانية صاخبة .. تابعها في شغف كل المسئولين عن أندية مصر الكروية .. كانوا يريدون رؤية هؤلاء الشياطين المصريين الصغار الذين استطاعوا أن يقهروا الإنجليز .. وكذلك الإنجليز .. كانوا .. أيضا .. يريدون امتلاك هؤلاء الصغار وضمهم للأندية التي يمثلونها .. وكانت أول حرب في تاريخ الكرة المصرية لضم لاعبين إلي صفوفها..
لكن .. أكبر لكن في تاريخ الكرة المصرية .. تقاعست الأندية ـ باستثناء الأهلي والزمالك ـ عن الاستمرار في ميدان تلك الحرب .. ففاز الأهلي باللاعب الأعظم حسين حجازي .. وفاز المختلط .. أو الزمالك .. بباقي فريق حجازي إليفين..
وكانت أكبر غلطة في تاريخ الكرة المصرية .. فقد أدي اقتصار الحرب علي الأهلي والزمالك إلي ولادة ألف غدة حساسية بين الفريقين .. لم يتفرق دم فريق حجازي إليفين بين القبائل الكروية المصرية .. وإنما أصبح ثأرا من الأهلي يطالب به الزمالك .. وصراعا مع الزمالك لن ينساه الأهلي ..
حدث ذلك كله عام 1917 .. وبعد عامين .. أي في عام 1919.. انتقل حسين حجازي إلي نادي المختلط .. وأصبح نادي المختلط بانتقال فريق حسين حجازي إليه هو أقوي فريق كروي في مصر
وعبر ثلاث سنوات .. من عام 1919 وحتي عام 1922 .. واصلت الكرة المصرية ازدهارها وانتشارها .. وتوالت الأحداث والمباريات .. غضب المصريون لأن الإنجليز لم يعطوهم الحق في اختيار المنتخب المصري الذي سيشارك في دورة أنفرس الأوليمبية ببلجيكا عام 1920..